مقتطفات صحفية

 أي بديل من زراعة التبغ؟ - الأخبار  

 
 

داني الأمين

الأوضاع الأمنية سيئة. فرص العمل معدومة. زراعة تقليدية، ومنها التبغ، مكلفة وغير مربحة. 3 خلاصات أوصل إلى السؤال الآتي: ماذا يمكن أن يكون البديل؟ في ظل تلك الظروف القاسية، وجد بعض أبناء بنت جبيل ومرجعيون ضالتهم في العودة إلى الزراعات الجبلية، والبديلة في آنٍ واحد. فبعدما شهدت تلك الزراعات تراجعاً، ها هي تعود إلى الواجهة برعاية وزارة الزراعة واتحادات البلديات في المنطقة، علماً بأن هذه «الرعاية» كانت قد سبقتها «لفتة» من مؤسسة «آي سي يو»، التابعة للاتحاد الأوروبي، حيث قامت بتوزيع شتول الصعتر وتبرعت بأنابيب الري وخزانات المياه اللازمة لذلك.
هكذا، انتقل غالبية المزارعين من الزراعات التقليدية إلى الأخرى البديلة. وهذا الانتقال له سبب واحد، هو «سهولة تصريف إنتاج الزراعات البديلة الجديدة نسبياً في الأسواق»، يقول علي فقيه، وهو المزارع الذي خاض التجربة منذ بضع سنوات. ابن بلدة عيترون المنهك من زراعة التبغ ومتابعتها، صار بإمكانه اليوم «الاعتناء بشتلات الصعتر ومتابعتها من دون الاستعانة بأفراد العائلة». لكن، ليس هذا الهدف الوحيد الذي أمنته له زراعته البديلة، فهناك الأهم، وهو «أن التسويق مؤمن. فقد أرسلت هذا العام 400 كلغ دفعة واحدة إلى الجالية اللبنانية في أوستراليا، وهذا ما لم يكن يحصل سابقاً». وهي الخلاصة نفسها التي وصل إليها المنتقلون إلى الزراعات البديلة.
مع ذلك، لا يقل اهتمام هؤلاء عمّا تسعى إليه اتحادات البلديات لتعزيز هذه الزراعات. وفي هذا الإطار، بدأ اتحاد جبل عامل أولى خطواته في هذا المجال، من خلال تزويد 50 حقلاً بأنابيب المياه، وتقديم الشتول لأصحابها. وقد حققت هذه الخطوة «نجاحاً لافتاً»، برأي مهندس الاتحاد الزراعي حسين جابر الذي يختصر هذا النجاح «بخلق فرص عمل جديدة للمقيمين، كما أنه باستطاعة المزارع ألا يتفرغ لهذه الزراعات لكونها غير متعبة وغير مكلفة أيضاً، بخلاف العمل في زراعة التبغ التي يستهلك جهداً ووقتاً، ولا يأتي بالنتيجة المرجوة في مرحلة التصريف».
كل هذه المميزات دفعت المزارعين إلى توسيع مروحة تلك الزراعات. ولهذا، اتجه الكثير من المزارعين نحو زراعة الخضر عبر اعتماد زراعة «الأنفاق». الميزة الأهم لتلك الزراعة هي أنها «يمكن اعتمادها في غير موسمها المعتاد»، يقول جابر. ثمة مميزات أخرى لا يعرف عنها إلا المزارعون أنفسهم. وهنا، يلفت المزارع محمد مرتضى إلى «هامش الربح الكبير الذي تؤمنه تلك الزراعة، فضلاً عن أنها لا تحتاج إلى الكثير من المياه، لكونها تعتمد طريقة الري بالتنقيط». أما الأرباح، فحدث ولا حرج، «يكفي دونم واحد من الخيار على طريقة الأنفاق لتأمين دخل سنوي لا يقل عن 6 ملايين ليرة، إذا ما بقي التسويق مؤمناً لها».
لكن، أين الوزارة من كل ذلك؟ عدا عن رعايتها وتشجيعها، يقول فؤاد ونسه، رئيس المركز الزراعي في مرجعيون التابع لوزارة الزراعة، فإن «الوزارة تعمل بشكل دائم واستثنائي على متابعة المزارعين فنياً وتقديم الأدوية والإرشادات الزراعية، وقد أنشأت حقولاً نموذجية لأشجار الزيتون وتقدم المساعدات المادية والإرشادية لمربي النحل الذين يزدادون عدداً يوماً بعد يوم». ولا ينسى ونسه التذكير بأن الدور المكمل لدور وزارته يقع على عاتق اتحادات البلديات. وفي هذا الإطار، حدد رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين وظيفة الاتحاد الذي «استطاع إقناع الأهالي بإعادة الاهتمام بالأراضي الزراعية وتربية الحيوانات الداجنة، أضف إلى ذلك أنه قام بدورات متخصصة لتربية النحل، وقدم لكل مزارع قفير نحل، الأمر الذي حقق نجاحاً لافتاً يعوّل عليه في المستقبل القريب». لكن المسؤولية على هؤلاء لم تعف الأهالي من مهماتهم في إنجاح زراعاتهم. ففي شقرا (بنت جبيل)، كان لافتاً لجوء عدد من المزارعين الجدد إلى تأمين شبكة مياه خاصة بهم، من بركة مياه البلدة، لزراعاتهم الصيفية الجديدة التي باتت تؤمن مورد دخل مميز لهم. يذكر أن اتحاد بلديات جبل عامل قام بإحصاء عدد الحيوانات الداجنة في المنطقة، وأقام دورات متخصّصة في تربيتها وكيفية الاستفادة القصوى من إنتاجها، منها دورات في فنون صناعة الألبان والأجبان للعمل لاحقاً في معمل الألبان والأجبان الذي يعمل الاتحاد على بنائه في بلدة حولا، بالتعاون مع مجلس الجنوب. كذلك عمد الاتحاد إلى زراعة أكثر من 54 ألف شجرة مثمرة، بينها 25 ألف شجرة زيتون و5000 شجرة تفاح وكيوي، وأنشأ تعاونيتين زراعيتين ومركزاً للإرشاد الزراعي في بلدة مركبا، تم تجهيزه بآليات زراعية ومعصرة زيتون ومصنع للشمع ومركز لتعليب العسل تقدم الخدمات بأسعار مدعومة.