مواقف صادرة عن الأتحاد

 الدعوة لتطوير وحماية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 

 
9/2/2014

مداخلة رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان السيد غسان غصن
في ورشة العمل المتخصصة في الإدارة الحديثة لمؤسسات الضمان الاجتماعي – الجمعية العربية للضمان
حول «رؤية العمال حول دور الضمان الاقتصادي والاجتماعي»
برعاية وزير العمل الأستاذ سجعان قزي
بيروت، في 1/9/2014 – فندق الكورال بيتش
- حضرة رئيس الجلسة الأستاذ روجيه نسناس،
- السيدات والسادة المشاركون،


منذ مطلع أربعينات القرن الماضي، أي قبل إنجاز الاستقلال الوطني كانت طلائع الحركة النقابية العمالية قد طالبت بإنشاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وذلك نتيجةً لتطويرين عالمين هامين تمثلا بتوسّع العمل المأجور في الصناعة والتجارة والخدمات من جهة وقيام مؤسسات ضامنة تحت أسماء مختلفة في أنحاء العالم بين الحربين العالميتين من جهةٍ أخرى وأهمّها صندوق الضمان الاجتماعي وذلك في محاولة ثورية إذا صحّ القول لتمتين ركائز الاستقرار الاجتماعي والحدّ من الخضّات الاجتماعية ومكافحة آفاق المرض والفقر والبطالة ... الخ.
وانطلاقاً من نظرية دولة الرعاية ووفقاً للمبادئ الكنـزية بعد الحرب العالمية الأولى أنطلق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على مبدأ التكافل والتضامن الاجتماعيين ما ترك أثراً عميقاً على أوضاع الأجراء في مختلف قطاعاتهم لا سيما وجوب إلزامية الانتساب لمؤسسات الصندوق وتسجيل الأجراء وتأمين معاش للتقاعد والإفادة من التقديمات الصحية والاستشفائية وغيرها من الصناديق الاجتماعية التي لم يدركها بعد الصندوق الوطني للضمان اللبناني (خصوصاً صندوق البطالة وصندوق طوارئ العمل والأمراض المهنية) وصندوق التقاعد والحماية الاجتماعية.
 كذلك لعب الصندوق دوراً مهماً على الصعيد الاقتصادي بحيث أعاد توزيع الدخل من خلال المساهمة في توزيع نسب الاشتراكات بين أطراف الإنتاج الثلاثة (الدولة – أصحاب العمل والعمال) ما أدّى إلى إرساء نوع من الاستقرار في العلاقات بين شركاء الإنتاج وبالتالي تأمين الحد الأدنى من الأمان الاجتماعي.
وانسجاماً مع مشروع بناء الدولة الحديثة في مطلع ستينيات القرن الماضي واستجابةً مع المطلب النقابي العمالي إلى جانب توفّر الإرادة السياسية، أنشأت المؤسسات العامة الاجتماعية والاقتصادية والمالية والرقابية بمراسيم اشتراعية كان أبرزها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي إنشاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يلاحق توسيع ميدانه بدءاً بصندوق تعويض نهاية الخدمة عام 1963 إلى صندوق المرض والأمومة مطلع السبعينات وصندوق التعويضات العائلية والتعليمية وكذلك تمّ توسيع شرائح المضمونين وفقاً للإحتياجات الاجتماعية كسائقي السيارات العمومية وبائعي صحف والمخاتير ...
كما سبق لمجلس الإدارة أن أنهى مشاريع مراسيم لضمّ شرائح إضافية وهو يعمل اليوم للتوسّع أفقياً وعامودياً لجهة إضافة شرائح وتقديمات جديدة أبرزها تأمين التغطية الصحية والاستشفائية للمضمون بعد بلوغ سن التقاعد (مدى الحياة) كمقدمة لإحلال معاش التقاعد بدلاً من تعويض نهاية الخدمة.
 وإذا كانت الحروب المختلفة والأحداث المؤلمة التي شهدها لبنان والمنطقة على مدى العقود الأربعة الماضية قد ساهمت في عدم تطوير إدارة الدولة ومؤسساتها العامة ومن بينها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلاّ أنّ الصراع حول النظرة الى الدولة ومقوّماتها ودورها بين الحركة النقابية العمالية التي تناضل للحفاظ على دولة الرعاية وبين الليبراليين الجدد الذين يطالبون الدولة بالانسحاب من شراكتها الاجتماعية بقي حائلاً دون تطوير صندوق الضمان بل ذهب الغلاة منهم للعمل على تقويض هذه المؤسسة الاجتماعية والسعي إلى إفراغها من مضمونها وصولاً إلى تهديد معنى وجودها من الأساس.

السيدات والسادة،
 لا يزال أكثر من نصف الأجراء الذين يستوجب انتسابهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خارج النظام وهم عمالاً مكتومين وهي مسألة لا يمكن تجاهل خطرها وفداحتها.
• لا يزال نظام نهاية الخدمة قائماً رغم أنه انقرض في معظم بلدان العالم ولا تزال المشاريع المختلفة لوضع نظام التقاعد والحماية الاجتماعية مجمّداً ممّا دفع الاتحاد العمالي العام للتحاور مع أصحاب العمال لإيجاد حلاًّ متدرجاً يبدأ باستمرار الضمان الصحي للعمال المضمونين بعد بلوغ سن التقاعد أو بسبب العجز بعد أن أمضى الأجير عشرون سنة عمل في إنجاز معاملات المضمونين والاختناق في مراكز ومكاتب الصندوق نتيجة تعقيدات مسالك العمل ورجعية الأنظمة وتخبّط المذكرات الإدارية وتناقضها في الكثير من الأحيان وتباطؤ العمل مرّةً بسبب النقص في الموارد البشرية ومرّةً بسبب الترهّل والتخلّف والرشوة والفساد الذي يتفشّى في الضمان أسوةً بالعديد من المؤسسات والإدارات العامة.

كي لا أطيل في موضوع النواقص والمخاطر أحيل حضراتكم إلى توصيات الخلوة المتعلقة بصندوق الضمان التي عقدت برعاية وزير العمل مطلع شهر آب الماضي.

أمّا المسألة الأخرى المهمّة والتي يجب الانتباه إليها من الناحية المالية والاقتصادية، أننا عندما ندعو الدولة إلى الالتزام بواجبها المالي إزاء صندوق الضمان، علينا أن ندرك سلفاً أنه يجب إعادة النظر جذرياً بالسياسة الضريبية القائمة التي ترتكز عليها الخزينة بنسبة 80% من الرسوم والضرائب غير المباشرة التي تجبى من جيوب العمال وذوي الدخل المحدود منها الضريبة المباشرة على الأغنياء ولا تزيد عن الـ 20%.

السيدات والسادة،
لقد شكّل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مظلة حماية ليس للأجراء وحدهم بل للمجتمع أيضاً وساهم في استمرار الحياة الاقتصادية ودورانها على المستويات كافة وبالتالي فإنّ «الاستثمار» في حماية الصندوق وتطويره هو استثمار في تعزيز الاقتصاد الوطني وفي الأمن الاجتماعي وتطوير وتقدّم وازدهار المجتمع ومنعة الوطن.

رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان
غســان غصــن