كلمة رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان السيد غسان غصن
في حفل الإفطار الرمضاني السنوي للمجلس التنفيذي
بيروت – مطعم الساحة 13/7/2015

- الأصدقاء ممثلي وسائل الإعلام،
- الأخوة الرؤساء وأعضاء المكاتب النقابية العمالية في الأحزاب الوطنية،
- الأخوات والأخوة أعضاء المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام،
- أيها الحفل الكريم،

يسعدنا أن نلتقي اليوم على مائدة الرحمان في شهر رمضان المبارك تقليداً درج عليه الاتحاد العمالي العام كل عام يجتمع فيه أعضاء المجلس التنفيذي في روضة بهية تزهو بمختلف الأطياف النقابية – العمالية.
كان دعاءنا طوال هذا الشهر الفضيل أن يعمّ الأمن والاستقرار أرجاء عالمنا العربي وينتصر الحق ويزهق الباطل وتنطفئ نيران الكراهية التي تحرق بلهيبها مدناً وبلدات وقرى وتؤد شرور البغضاء والتعصّب والكراهية التي تقتل وتذبح الشيوخ والشبان والأطفال وتسبي النساء وتدمّر الحضارة وتمحو التراث وتهدم العمران.
وإذا كان الاحتلال الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين هو النذير الأول لنشوء الدولة العنصرية القائمة على الإرهاب في قلب العالم العربي، فإنّ حركات التكفير والإرهاب ببنية هذا الكيان تعيد إنتاج أسوأ ما في التاريخ البشري من أفعال إجرامية تتلطّى باسم الدين الإسلامي الكريم والسمح والدين ذو القيم الإنسانية منها براء.
 في حمأة هذا اللهيب المستعرّ نحن نفاخر ونعتزّ بأنّ شعبنا كسر شوكة العدو الإسرائيلي، فإننا نعتزّ أيضاً أنّ بلدنا الذي كسر شوكة العدو الإسرائيلي وحرّر أرضه المحتلّة في جنوب لبنان وبقاعه الغربي العام 2000 ودحر العدو الذي يصادف اليوم ذكراها في تموز العام 2006 وألحق به الهزيمة النكراء.
 فإننا اليوم نفتخر ونعتزّ بأنّ مقاومتنا البطلة وجيشنا الباسل استطاعوا القضاء على هذه المنظمات الإرهابية التكفيرية المتسللة إلى أطراف حدودنا الشرقية مقدّمين أرواحهم ودماءهم قرابين نقية على مذبح الوطن للدفاع عن أرضه ومقدساته داعين إلى الله وبمناسبة هذا الشهر الفضيل بالتعجيل بشفاء المرضى وبتسديد الخطى لدحر العدو مكلّلين بالنصر المبين.
الأخوات والأخوة،
 إذا كان الكلام عن الشأن الاجتماعي والاقتصادي لا يستقيم من دون الالتفاف إلى ما يجري حولنا من أحداث دامية فإنه أيضاً لا يستقيم من دون التوقّف عند هذا العبث السياسي الذي يضرب الحياة السياسية والوطنية في لبنان.
بلد من دون رئيس للجمهورية وهو رمز البلاد وضمان وحدتها. بلد مجلسه النيابي في شبه عطلة وهو مصدر لتشريع قوانين تؤمّن المصلحة العامة وتحقّق مصالح المواطنين وتنصف أصحاب الحقوق في سلسلة الرتب والرواتب أو في التغطية الصحية للمضمونين بعد بلوغ سن التقاعد أو بقانون عادل للإيجارات وغيرها من القوانين الضرورية والملحّة التي لا تحتمل المماطلة والتأخير ببلد حكومته متعدّدة الرؤوس تتنازع فيها المصالح الفئوية والطائفية والحسابات الشخصية.
 بلد ترتفع نسبة العاطلين عن العمل فيه إلى ما يزيد عن ربع قاطنيه جلّه من الشباب خريجي الجامعات والمعاهد وتتسّع فيه معدلات الفقر لتصل إلى أعلى مستوياتها حيث بات يعيش أكثر من مليون مواطن فيه بأقلّ من 4 دولارات يومياً في حين ترتفع نسب غلاء المعيشة بما يفوق 37% من نسب التضخم وبحيث أصبحنا نرى بعض من الفقراء يعبثون في سلال النفايات بحثاً عمّا يقيتهم ويسدّ رمقهم ما يدفعنا للمطالبة بمعاودة اجتماع لجنة مؤشر غلاء المعيشة من أجل تعيين نسب تراجع القدرة الشرائية وتصحيح الأجور وفقاً لما يراه الاتحاد العمالي العام.
 بلد ينخره الفساد السياسي والإداري من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين وتمعن فيه الاحتكارات نهباً دون حسيبٍ أو رقيب.
 بلد تعميه العتمة بعدما هدر من أجل تأمين الكهرباء فيه أكثر من ثلث الدين العام بلد يجفّفه هدر المياه بالرغم من كثرة ينابيعه والأنهار ويدفع فيه ذوي الدخل المحدود أكثر من ثلث الحدّ الأدنى للأجور ثمناً ليرووا ظمأهم.
أيها الزملاء الأعزاء،
• لقد وضعنا في رأس السلم مطالبنا وقضية العمال المياومين والمتعاقدين والموظفين والأساتذة والمعلمين واعتبرنا هذا الوضع المخالف لقانوني العمل والضمان الاجتماعي في الإدارات والمؤسسات العامة وفي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نفسه أمر ينبغي تصويبه وقد تعهّدنا سابقاً ونكرّر اليوم تعهّد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام بمتابعة قضية المياومين حتى ضمّهم إلى ملاك مؤسساتها أسوةً بالموظفين والأجراء وملء الشواغر في كافة ملاكات الوزارة والإدارة العامة والمحافظات والمناطق والمؤسسات والمصالح المختلفة وذلك بكافة سبل التحركات السلمية - الديمقراطية لإنهاء هذا الوضع الوظيفي الشاذ.
• لقد طرحنا قضية تصحيح الأجور عملاً بالاتفاق القائم مع الدولة والهيئات الاقتصادية منذ مطلع سنة 2012 ولا نزال نلقى مراوغة من أصحاب العمل رغم الاجتماعات المتكرّرة للجنة المؤشر لكن لن يمنعنا ذلك من المثابرة من أجل الوصول إلى السلم المتحرك للأجور.
الزملاء الأعزاء،
• بالرغم من أنّ أسباب البطالة في لبنان تكمن في بنيته الاقتصادية الهشّة حيث الاقتصاد الريعي يعزّز على حساب الاقتصاد الحقيقي المولّد لفرص العمل فإنّ ما زاد الأمر سوءاً هو تعرّض اليد العاملة اللبنانية للمزيد من المزاحمة من العمالة غير اللبنانية بسبب استغلال أصحاب العمل لليد العاملة النازحة الرخيصة الأجر على حساب العمال اللبنانيين.
• لقد طالبنا ولا نزال بإقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي الإدارة العامة والمعلمين في القطاعين العام والخاص وكذلك للأسلاك العسكرية والأمنية وهو حق مشروع نصرّ على انتزاعه بعيداً عن محاولة تحميل وزر السلسلة على كاهل ذوي الدخل المحدود من خلال زيادة ضريبة القيمة المضافة (TVA) أو سواها من الرسوم والضرائب غير المباشرة بل أصرّينا على وجوب تأمين أكلافها من خلال اعتماد الضريبة التصاعدية على الأرباح والريوع.
السيدات والسادة،
 إننا بهذه المناسبة الكريمة نؤكّد أنّ الاتحاد العمالي العام مدرك للصعوبات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية غير أنه ماضٍ في تحمّل مسؤوليته للدفاع عن حقوق العمال وذوي الدخل المحدود وأنه لن يألو جهداً من أجل تحقيق مطالبه العادلة والمحقّة حرصاً على الأمن الاجتماعي الذي هو ضمان السلم الأهلي.

وكل عام وأنتم ولبنان ووطننا العربي بخير انشاء الله.
الرئيس
غسـان غصـن