لعقلنة الخطاب السياسي وللحوار الاقتصادي

بيان صادر عن المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان

 عقد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام اجتماعه الدوري برئاسة رئيس الاتحاد غسان غصن وحضور الأعضاء وعرض المجلس لمختلف القضايا والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والوطنية ولمخاطر المساس بالسلم الأهلي وصدر عن الاجتماع البيان الآتي:
أولاً: توقّف المجلس التنفيذي في بداية اجتماعه أمام الاعتداء الخطير على مقرّ تلفزيون «الجديد» والتطورات الأمنية التي تلته وأعلن إدانته المطلقة لهذا الاعتداء الآثم ولكلّ اعتداء على أيّة وسيلة من وسائل الإعلام تحت أية ذريعة ومن أيّ جهةٍ كانت واعتبر أنّ حرية الكلمة والإعلام هما في موقع القداسة كما هي الحريات النقابية والحريات الخاصة والعامة ويهيب المجلس التنفيذي بكافة الأطراف السياسية والاجتماعية والدينية للالتفات إلى أثر بعض الخطابات والدعوات التي تؤجّج الحساسيات وتزيد التوتّر في لحظةٍ وطنية بالغة الدقّة فإنّ أكثر ما نحتاج إليه هو عقلنة الخطاب السياسي كما أنّها لحظة وطنية ندعو فيها وسائل الإعلام على مختلف توجّهاتها إلى المزيد من الحرص وعدم فتح الهواء لكلّ ما يتناقض مع المصالح الوطنية العليا والمبادئ الأساسية لرسالة الإعلام ولكلّ ما من شأنه التعرّض للسلم الأهلي وزعزعة الوحدة الوطنية.
ثانياً: في القضايا الاقتصادية والاجتماعية يعلن الاتحاد موقفه من المواضيع الأساسية التالية:
• الحوار الوطني الاقتصادي والاجتماعي
ينوّه المجلس التنفيذي بدعوة فخامة رئيس الجمهورية لاستئناف «الحوار الوطني» الذي هو أحد أهمّ سبل مواجهة التداعيات السياسية والمخاطر الأمنية التي تعصف بالوطن في الداخل كما في المنطقة والجوار وقد استقبل اللبنانييون اجتماعات الحوار بالكثير من الارتياح إلاّ أنّ ما يقضّ مضاجعهم اليوم وبموازاة الأمن السياسي، أمنهم الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي حيث لم تعد أزمة الانقطاع الدائم للكهرباء مسألةً عارضة تحتمل المماطلة والتسويف والوعود التي لا تنير عتمة اللبنانيين، ولا تبادل الاتهامات بين وزراء الحكومة وتحميل التبعات للحكومات السابقة، يروي غليل المواطنين في صيفٍ لاهب ولا التذرّع بالإرث الثقيل، يضحي سبباً لعدم المباشرة بتنفيذ خطة الكهرباء التي أقرّها مجلس النواب.
ويرى الاتحاد أنّ المسؤولية تقع على مجمل الطبقة السياسية التي تناوب وزراءها على تولّي وزارة الطاقة والمياه في العديد من حكوماتها فأمعنت في تخريبها بالتكافل والتضامن حيث لم يبقَ للمواطن لا حول في طاقة ولا قدرة على الحصول حتى على نقطة مياه فضلاً عن تحمّل الأعباء المالية والديون الباهظة التي فاقت ثلث الدين العام بسبب الكهرباء وحدها.
 
كما أن النقاش العقيم الدائر داخل مجلس الوزراء وعلى المنابر حول المفاضلة بين استئجار بواخر الكهرباء أو بناء معامل لإنتاج الطاقة أفضى إلى المزيد من التقنين وتعميم الظلمة التي لم تضيئها سوى الإطارات المشتعلة التي تنفث سموم دخانها الأسود على طول البلاد وداخل منازل الأهالي وفي صدور أطفالهم.
إنّ أزمة الكهرباء وحدها توجب طاولة حوار وطني اجتماعي فكيف إذا أضفنا إليها حال الفلتان الأمني بسبب الغضب من سياسة حكومة الإهمال وصمّ الآذان وبسبب البطالة والضائقة المالية الناتجة عن التقهقر الاقتصادي في قطاعات الإنتاج كافة وكذلك ضمور التقديمات الاجتماعية وتحكّم الاحتكارات وغياب الحدّ الأدنى من الرقابة على الغشّ والفساد والنهب المتعاظم في مختلف مجالات العيش، فضلاً عن الضرائب الجائرة على ذوي الدخل المحدود والعمال، ناهيك بالتراجع في مستوى التعليم الرسمي وأزمة إيجارات السكن وغياب النقل العام.
لذلك، يدعو الاتحاد العمالي العام أركان الدولة وفي مقدّمهم رئيس الجمهورية للدعوة إلى حوار وطني لمواجهة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الوطنية الخطيرة وللتوصّل إلى إستراتيجية وطنية للأمن الاجتماعي والاقتصادي بموازاة الحوار حول الإستراتيجية الوطنية الدفاعية لمواجهة العدو الإسرائيلي.

ثالثاًً: معالجة قضية المياومين في إدارات الدولة
إنّ لجوء الحكومات المتعاقبة منذ العام 1993 إلى بدعة التعاقد بمختلف صيغه، مياومين وعمال متعهد غب الطلب وغيرها من أشكال التحايل على القانون لاستخدام الأجراء لملء الفراغ في ملاكات الإدارة الحكومية والمصالح المستقلّة والمؤسسات العامة أدّى إلى إفراغ الوظيفة العامة من دورها ومعناها ومستواها وأدّى بسبب الشواغر العديدة في الملاكات التي تتجاوز الخمسين بالمائة نقصاً في الهياكل الوظيفية وإلى وجود الآلاف من العمال والموظفين الذي يعملون بصفة مياومين لدى الدولة في وضعٍ غير قانونيّ وظروف غير إنسانية ممّا أدّى إلى انفجار هذا الوضع بصورةٍ حادّة كما هو الحال مع مياومي شركة كهرباء لبنان – عمال المتعهّد وجباة الاكراء حيث يعمل الآلاف منهم دون ضماناتٍ صحية أو تقديماتٍ اجتماعية أو تعويضاتٍ قانونية أو استقرار وظيفي يحفظ ديمومة العمل.
إنّ المجلس التنفيذي الذي وقف إلى جانب مطالب عمال مؤسسة كهرباء لبنان المحقّة وشاركهم تحرّكاتهم واعتصاماتهم رفضاً للغبن اللاحق بهم مديناً الحكومة لمخالفتها القوانين، يؤكّد على مطلبه الراسخ وهو المباشرة بتثبيتهم وإجراء مباريات محصورة في جميع المرافق والوزارات المعنية بدءاً من مؤسسة كهرباء لبنان وصولاً إلى العمال المياومين في مصالح المياه والضمان الاجتماعي وإدارة الريجي ومعلمي المدارس والجامعات في القطاع التربوي واعتماد المعايير الأساسية لإعادة الاعتبار للوظيفة العامة بما يعزّز إدارات الدولة بالكفاءة والخبرة.

رابعاً: الملفات المطلبية المختلفة
على الرغم من مضيّ أكثر من خمسة أشهر على إقرار تصحيح الأجور لا يزال موظفو القطاع العام محرومين هذه الزيادة بحجّة عدم إقرار الموازنة للعام 2012 أو إقرار سلّم رتب ورواتب جديد وإنّ موظفي القطاع العام أسوةً بأجراء القطاع الخاص الذين طالهم الغلاء والتهمت أجورهم، لهم كامل الحقّ بتصحيح أجورهم وقبض الزيادة، المقرّرة بمفعول رجعي وفقاً لسلفة خزينة فورية ريثما يقرّ القانون المتعلّق بسلسلة الرتب والرواتب بصيغةٍ جديدة، عادلة ومنصفة لجميع موظفي القطاع العام وخصوصاً موظفي وعمال البلديات.
ويكرّر المجلس التنفيذي التأكيد على وقوفه إلى جانب المعلمين المتعاقدين في مختلف مراحل التعليم الأساسي والمتوسط والثانوي والتقني في مطالبهم العادلة وفي تحرّكهم المستمرّ لتحقيقها وكذلك مع موظفي «تعاونية موظفي الدولة» وفوج الإطفاء في بيروت ويدعو إلى إنصاف المتطوعين العاملين في الدفاع المدني، هذه الفئة من الجنود الساهرين على سلامة المواطن وحياته يمرّون في أصعب الظروف والكوارث فيما هم محرومون من حقوقهم في الأجر العادل وديمومة العمل.
في هذا السياق يعلن المجلس التنفيذي وقوفه إلى جانب اتحاد ونقابات موظفي المصارف ويدعو إلى تنفيذ عقد العمل الجماعي بما يضمن حقوق ومكتسبات الموظفين ويطالب الاتحاد بتثبيت كافة العاملين في المستشفيات الحكومية من ممرضات وممرضين وإداريين وعمال خصوصاً مياومي مستشفى بيروت الحكومي الذي استقبل المجلس التنفيذي وفداً منهم اليوم وأعلن تبنّيه لمطالبهم المحقّة.

خامساً: الموازنات العامة للعام 2012
يعلن الاتحاد رفضه القاطع لمشروع موازنة العام 2012 لا سيما الأعباء الضريبية الجائرة والرسوم الباهظة وزيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 20% ويطالب بتغطية النفقات العامة من الضرائب المباشرة التصاعدية على أرباح الشركات العقارية والمالية والتجارية والرسوم على أملاك الدولة البحرية والنهرية والكسارات ... وإلغاء الرسوم والضرائب عن المشتقات النفطية خصوصاً مادتي البنـزين والمازوت.
بيروت، في 28/6/2012


**************************