مقتطفات صحفية

 حكومة إنقاذ تُعيد اقتصاد لبنان إلى "بيت الطاعة" قد تشكّل عاملاً إيجابياً يرفع النمو 

 
 

حكومة إنقاذ تُعيد اقتصاد لبنان إلى "بيت الطاعة" قد تشكّل عاملاً إيجابياً يرفع النمو في برنامج الأولويات: إعادة الثقة وتجنّب الضرائب لتعزيز الإيرادات ودعم مناخ الاستثمار

بعد اكثر من أربعة أشهر على تكليف الرئيس تمام سلام، يتأرجح لبنان ما بين التكليف والتصريف. وفي الوقت الضائع، ضاع الموسم السياحي مع اشتداد الازمة السياسية والانفلات الامني. وفي تجدد الكلام على توافق سياسي على "حكومة الامر الواقع"، يسأل اللبنانيون عن فرصة لم تفت بعد، اي عن حكومة تعيد لبنان الى "بيت الطاعة" الى طريق النمو. فهل يمكن الافادة من الفترة المتبقية من السنة لتعويض ما خسره الاقتصاد في 9 اشهر؟ وما هي الاولويات لدى اي حكومة جديدة؟

لم تكن هذه السنة على قدر آمال اهل الاقتصاد. فالفراغ الذي بدأ حكوميا وامتد نيابيا وتُرجم امنيا، لم يشكّل في اي لحظة عاملا مساعدا لاي نمو مرتقب. لذا، يتطلع رجال الاقتصاد الى المواسم تنقضي بغلة فارغة. فصل الصيف، وهو آخر المواسم التي قد تشكل الرافعة الحقيقية لاداء السنة بأكملها، لم يكن على قدر الآمال. فلا استثمارات جديدة، ولا سياح عربا وخليجيين، وايضا لا استهلاك داخليا يتجاوز السقوف التي حددتها الاولويات. لكن الانظار تشخص نحو صدمة ايجابية قد تكون الحكومة الجديدة هي مصدرها. لكن، ماذا عن الاداء والاولويات؟
لا شك في ان شكل الحكومة سيشكل المفتاح الاساسي لادائها المستقبلي، "لذا، يؤمل ومهما كان الطرف الحاكم، الا تكون حكومة صدامية وغير استفزازية اذا استحال ان تكون وفاقية، وذلك كي لا يكون لبنان على طريق الانتقال من تعطيل الى آخر"، يقول رئيس تجمع رجال الاعمال الدكتور فؤاد زمكحل. وفي رأيه، من الضروري ان تكون حكومة تدير شؤون الناس لتكون حكومة انقاذ اقتصادي.
الا ان الخبير الاقتصادي الدكتور غسان حاصباني يرى ان الكلام على "حكومة الامر الواقع" لا يوازي اهمية ان تكون حكومة ثقة، "لان عملها يجب ان يتركز على اعادة الثقة بلبنان لدى المجتمع الدولي بعد ازمة الثقة بالنظام اللبناني، واعادة احياء ثقة المواطن بالبلد والثقة بالاقتصاد". وهذا يترجم في رأيه، باعطاء وجه جديد للبنان، "اي بحكومة عملية يتركز دورها على بناء الصدقية واعادة الثقة لجذب الاستثمار مجددا، وهي المشكلة الاكبر التي يعانيها معظم الدول وليس لبنان وحده". لكن لا يتوافر ذلك الا عبر توفير حد ادنى من الاستقرار الامني وفرص استثمارية آمنة، "وخصوصا ان المستثمر لا يتطلع الى الظرف الراهن بل الى المستقبل".

مطالب وقطاعات
ويتوافق طرح حاصباني مع تطلعات زمكحل حين يتوقف عند ضرورة ارساء مقومات الاستقرار المطلوبة لاي حياة اقتصادية او اجتماعية. وفي مقدم تلك المقومات، يقول زمكحل ان الامن هو الحلقة الاضعف، "لذا، نتطلع الى حكومة فاعلة مع اولوية اشاعة الاستقرار الامني ودعم المؤسسة العسكرية، لانه بدون هذا الاستقرار يستحيل الكلام في الاقتصاد".
وليس بعيدا من العامل الامني، يشير الى واجب الالتفاف حول خطة اجتماعية واقتصادية تعالج مشكلات المواطنين والشركات في المديين القصير والمتوسط، "لانه من المقبول ان يكون هناك خلاف سياسي، وهذا صحي للبلد. لكن ليس مقبولا عدم التوافق على خطة انقاذ اقتصادي توضع بمشاركة الهيئات الاقتصادية، وتتولى رئاسة الحكومة عقد طاولة حوار اجتماعية اقتصادية لتخرج بتوصيات لخطة متكاملة على المديين القصير والمتوسط "نظرا الى عمر الحكومات، وايضا لان الوزراء يميلون الى وضع خطط وزاراتهم باشرافهم الخاص"، بحسب زمكحل.
لذا، قد تكون الحاجة الاولى الى دعم "دينامو" الاقتصاد اي الى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تحتاج دعما مباشرا، فهي اول من يتأثر بالركود الاقتصادي وايضا اول من يخرج منه. ووفق رئيس تجمع رجال الاعمال، تحتاج تلك الشركات الى اعادة هيكلة ديونها لدى القطاع المصرفي المتساهل في هذا المجال وبرعاية الحكومة، "وهذا ما يدفعنا للمطالبة باقرار قانون الاسهم التفضيلية الذي يساهم في فتح باب الاستثمار في تلك المؤسسات". في المطالب ايضا، توفير قروض تشغيلية مدعومة الفوائد للمؤسسات بغية مساعدتها في تجاوز هذه المرحلة الصعبة. وفي الوقت عينه، يمكن الحكومة ان تعمل ايضا لوضع حوافز لتأسيس شركات صغيرة "وتحديدا عبر اقرار مشروع "قانون الشركات المبسطة"، ولا سيما بالنسبة الى رأس المال والنظام الداخلي والتأسيس والاقفال".
ولكن، من اين للحكومة ان توفر ذلك الدعم المادي؟
يرى زمكحل ان الامر ممكن عبر تأسيس صناديق مخصصة لدعم الشركات، ويمكن تغذيتها ماليا عبر قروض ميسرة من الاتحاد الاوروبي والصناديق العربية، على ان يكون هدفها دعم الشركات الهادفة الى الاستثمار والنهوض بالاقتصاد.

ضبط الإهدار وتعزيز الجباية
مع دعم الفرص الاستثمارية عبر المؤسسات القطاعية مثل الكهرباء والمياه والاتصالات والنقل والبناء والاعمار والتي من شأنها توفير فرص عمل جديدة يحتاجها الاقتصاد، يتطلع حاصباني الى ضبط الاهدار في الانفاق العام كمحور اساسي، "فهو ضخم جدا وله اسباب ادارية كبيرة يفترض حلها في اطار دقيق بعد مسح شامل، علما ان ثمة ضرورة في تركيز دعم الاستثمار في قطاعات تساعد في تعزيز الخزينة العامة بايرادات جديدة". والهدف، البحث عن موارد جديدة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب على سبيل المثال، عبر تعزيز جباية الضرائب بدل البحث في فرض ضرائب جديدة لتمويل تلك السلسلة. "فان خفضنا الاهدار ورفعنا الايرادات بالتنسيق مع الوزارات المعنية، نوفّر مدخولا جديدا للخزينة لا يضطرنا الى استحداث ضرائب جديدة تخرّب الاقتصاد".
والى ضرورة وقف الاهدار وتعزيز ايرادات الدولة، يتطلع حاصباني ايضا الى تعاون بين المصارف والبنك الدولي في اطار برنامج سريع الامد (قصير ومتوسط) لتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لخدمة السوق المحلية وتوفير فرص عمل جديدة "مما يجعلها في اساس النهوض الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، وهذا ما يجعلها حكومة تعيد الثقة بالنظام وتعمل وفق اجندة اقتصادية وادارية وامنية. لكن من الواضح ان الاستقرار الامني اساسي في تحقيق اهداف اي حكومة".
المهم، ان تنشغل الحكومة الجديدة بادارة شؤون الاقتصاد بعيدا من الحوار السياسي. "فهي لن تكون بديلا من مجلس النواب او من طاولة الحوار، لتركز على ادارة الاقتصاد والعلاقات مع الخارج لاستقطاب الاستثمارات وفتح اسواق تصديرية جديدة للمنتجات الوطنية"، بحسب حاصباني.
وربما ابعد، يرى زمكحل ضرورة ان تعيد الحكومة الجديدة بناء علاقات تجارية مع اسواق جديدة فيها وجود اغترابي (البرازيل ونيجيريا وليبيريا)، واستغلال الموارد الطبيعية للبنان (الغاز والنفط) واقرار مشروع قانون الشركة "لانه بات واجبا لا خيارا في ظل الحاجة الى حد ادنى من البنية التحتية لاطلاق مناخ الاستثمار، مع ضرورة الالتفات لاستقطاب رجال الاعمال السوريين وتنظيم العمالة غير المشروعة".
عيّنة من مطالب قد تعبّر عن حجم القلق من الواقع بالنظر الى المستقبل. فهل ثمّة امل في تحقيقها؟

[email protected]
Twitter: @violettebalaa