مقتطفات صحفية

 الأزمة في لبنان واحتمالات الانفجار الاجتماعي 

 
 

حسين عطوي - "الوطن" القطرية

(النشرة)


في وقت تستمر فيه الأزمة السياسية في البلاد في ظل استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، وعدم وجود أية آفاق للتوصل إلى حلول إصلاحية للخروج من الأزمة عبر إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد يعتمد النسبية، ليجري على ضوئه إعادة تكوين السلطة بكل مكوناتها.

في هذا الوقت تظهر مؤشرات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية صورة سوداوية عن حجم تفاقم الأزمة ومخاطرها تهدد بتفجير الاستقرار الهش في البلاد وخروج الأمور عن أي سيطرة، انطلاقا من أن الوضع الاجتماعي بات أشبه بنار مشتعلة تحت صفيح ساخن تزداد حرارتها يوما بعد يوم وهي باتت تقترب من درجة الغليان التي تهدد بانفجار اجتماعي.

ما هي هذه المؤشرات السلبية للواقع الاقتصادي الاجتماعي؟.

وما السبيل لتجنب اندفاع الوضع إلى مرحلة التوتر والانفجار الاجتماعي؟.

أولاً: في المؤشرات السلبية

سُجلت مع نهاية العام 2015 العديد من المؤشرات السلبية على الصعد المالية والاقتصادية والاجتماعية، أبرزها:

على الصعيد المالي: من المعروف أن لبنان واقع منذ سنوات تحت عبء تنامي الدين العام وفوائده المتزايدة باطراد مع ارتفاع حجم هذا الدين كل عام، وبلغ الدين مع نهاية العام 2015، وبداية عام 2016 عتبة الـ75 مليار دولار، وهو رقم كبير جداً بالقياس لعدد سكان لبنان وحجم ناتجة القومي.وتقدر نسبة العجز لعام 2015 بنحو خمسة مليارات ليرة، وخدمة الدين تناهز الـ 10 آلاف مليار ليرة.

على الصعيد الاقتصادي: في وقت سجلت فيه السياحة المزيد من التراجع بفعل عدم الاستقرار والاضطرابات في المنطقة، فان واردات الزراعة والصناعة انخفضت كثيرا نتيجة توقف الصادرات عبر الطريق البري بعد أقفال الحدود مع الأردن وتركيا، وارتفاع اكلاف التصدير عبر البحر. وهذا بالطبع انعكس سلبا على الواردات العامة للدولة.

على الصعيد الاجتماعي: أدى التدهور المالي والاقتصادي إلى المزيد من التداعيات السلبية على الوضع الاجتماعي، فإلى جانب عدم إيجاد فرص عمل جديدة لآلاف الخريجين الجامعيين، فان المؤسسات الصناعية والزراعية تخلت عن الكثير من العاملين لديها واستبدلتهم بعمالة غير لبنانية رخيصة.

ثانياً: سبل تجنب الانفجار الاجتماعي

سياسات الحكومة الليبرالية ايضاً تفاقم الأزمة ولا تعمل على معالجتها، وتوفير موارد جديدة لحل الأزمة المالية وتقليص العجز في الموازنة وتأمين انفاق على مشاريع إنتاجية، وتلبية مطالب القطاعات الاجتماعية، وهذه الموارد موجودة ولا تحتاج سوى إلى قرار سياسي لتأمينها، مثل تحصيل حقوق الدولة من الأملاك البحرية، والشروع في إصدار المراسيم تلزيم شركات النفط لاستثمار النفط والغاز المكتشف في المياه الإقليمية اللبنانية، ومحاربة الفساد المالي الذي يقدر بأكثر من مليار دولار سنويا، وترشيد الأنفاق وتعدبل النظام الضريبي بما يؤمن اعادة توزيع الثروة على نحو يحقق العدالة الاجتماعية..الخ.

وإذا ما ظلت سياسات الحكومة النيوليبرالية هي السائدة ولم يجر إعادة نظر جذرية فيها والعمل على وضع سياسة مالية رشيدة ومحاربة الفساد واستثمار موارد لبنان وإعادة النظر بالسياسات الاجتماعية التي تزيد حدة التفاوت الاجتماعي وترفع نسب البطالة والفقر فان لا شيء يحول دون اتجاه الوضع نحو الانفجار الاجتماعي.

ويبدو من خلال ما كشف مؤخراً من انفتاح شهية بعض أعضاء الحكومة لفرض ضرائب جديدة غير مباشرة على صفيحة البنزين إنما هو مؤشر سلبي على إمعان الحكومة في سياساتها الاجتماعية الجائرة، وإذا كانت الحكومة قد اضطرت إلى عدم طرح الأمر في جلستها الأخيرة نتيجة موجة الرفض الواسعة لأي زيادة للضرائب غير المباشرة والتهديد بإضرابات وتحركات شعبية اذا ما أقدمت الحكومة على اتخاذ قرار بذلك، إلا أن هذا التراجع مؤقت وهو لا يعني أن الحكومة لن تعاود طرح الموضوع في أي لحظة تجد فيها الوضع مواتيا لتمرير هكذا قرار من دون أن تحسب أي حساب لنتائجه الاجتماعية ومخاطر أن يقود إلى توترات في الشارع وانفجار الوضع والاستقرار الاجتماعي، انطلاقا من اشتداد الأزمة وحالة الضغط التي يقبع في ظلها أغلبية اللبنانيين.