الأخبار

 مجلس الوزراء أقر تعويضات فورية بـ30 مليار ليرة لإعادة تأهيل وإنماء المناطق المنكوبة  

 
 

طرابلس بين الأكثر حرماناً: ارتفاع حاد للبطالة والفقر المدقع

 
كتب المحرر الاقتصادي - (المستقبل)

30 مليار ليرة أقرها مجلس الوزراء أمس تعويضات لإعادة تأهيل وإنماء المناطق المنكوبة في الشمال بعد المعارك العنيفة التي عاشتها طرابلس وأحيائها.

مصادر اقتصادية متابعة ترى أن هذا المبلغ غير كافٍ لإعادة إحياء المنطقة وإنهاض اقتصادها المتهالك أصلاً وخصوصاً في باب التبانة التي طالب نائب طرابلس سمير الجسر بإعلانها منطقة منكوبة.

ومع غياب تقديرات حقيقية لقيمة الخسائر الاقتصادية التي مُنيت بها العاصمة الثانية، إلا أنه من المؤكد بحسب التقارير أنها ضخمة، وستزاد الى سلة العوامل التي تثقل اقتصاد طرابلس والشمال.

وتقول المصادر إن طرابلس هي اليوم من أكثر المناطق حرماناً على مستوى مناطق البحر الأبيض المتوسط. فنسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع في المدينة تبلغ نحو 20 في المئة من أصل الـ8 في المئة من سكان لبنان الذين يعيشون تحت هذا الخط. كما تعاني مشاكل حادة أبرزها مستوى الدخل المنخفض، وتراجع لمقومات فرص عمل، وارتفاع في معدلات البطالة وفي نسبة التسرب المدرسي.

لكن المصادر شددت على أن طرابلس يمكن أن تكون مركزاً لعدد من النشاطات الاقتصادية ومنها: موقعها الجغرافي وامتلاكها لمقومات تسمح لها بأن تكون مركز استقطاب سياحي.

وقالت المصادر إن باب التبانة يعتبر أكثر الأحياء في طرابلس ارتفاعاً في مؤشر الحرمان (91 في المئة بحسب تقرير الألفية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي). وتشكل المنطقة تاريخياً السوق الرئيسية للعاصمة الثانية، ولم يكن ينقصها سوى سلسلة من الكوارث والحروب لتضاف إلى سجلها الحافل بالمآسي، حتى تعود لتتربع على عرش البيئة الأكثر حرماناً وبؤساً في لبنان.

وتقع المنطقة المذكورة شمال شرق مدينة طرابلس، وهي معروفة بسمعتها على صعيد الشمال وكل لبنان باعتبارها من أشد المناطق فقراً في لبنان. وباب التبانة هو أحد الأبواب السبعة التي كانت تحيط مدينة طرابلس من مختلف جوانبها، أما تسميتها فينسبها سكان المنطقة إلى التبانة جمع «تبان»، وهم العمال الذين امتهنوا معالجة التبن وفصله.

وتعتبر منطقة التبانة بصورة عامة منطقة تجارية (فواكه، خضر، خرضوات، ميكانيك سيارات، وغيرها...) ويمكن تقسيم وضع الأُسر في هذه المنطقة الى أسر فقيرة ومُعدِمة. وتعاني مشاكل رئيسية، تتصدرها البنى التحتية لا سيما في ما يتعلق باستعمالات المياه، وشبكات الصرف الصحي، فضلاً عن مشاكل تلوث مياه الشفة، وطوفان مياه الأمطار على المنازل والمحال التجارية وعدم وجود مراكز صحية كافية وقلة المدارس الرسمية، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.

ويشعر أبناء التبانة دائماً بالغبن والإهمال والإحباط من الجميع، لكونها أصبحت خالية من اي نشاط اقتصادي انتاجي، حيث تقلصت فرص العمل فيها إلى الحدود الدنيا، وسدت مجالات العمل في المرافق المحيطة بها.

كما يشار إليها بأنها منطقة تحت عتبة الفقر، حيث يعيش فيها نحو 55 ألف نسمة ضمن كثافة سكانية تصل الى 406 في الهكتار الواحد، في أحياء شديدة الاكتظاظ ضمن (8800) وحدة سكنية، أي بمعدل 7 أشخاص في المسكن الواحد، وتشكو ارتفاع عدد أفراد الأسرة وارتفاع نسب البطالة، وانتشار حالات الزواج المبكر لدى الفتيات، وكذلك إحجامهن عن العمل، وكذلك قلّة عدد المدارس وندرة وجود حدائق وملاعب في هذه المناطق.

تُعرف باب التبانة تاريخياً بأنها مركز ثقل للتبادل التجاري سواء بين المناطق المجاورة في الشمال، أو مع المناطق السورية القريبة، ولديها نسبة كبيرة من العمالة والتجارة من غير اللبنانيين، خصوصاً في سوق الخضر، فموقعها يجعلها تضعف حركة المرفأ استيراداً وتصديراً، إذ إن الأوتوستراد الدولي يمر بقربها، كما يمنع مرور الشاحنات التجارية الداخلية، فضلاً عن أن موقعها يؤثر في حركة العمال والموظفين الوافدين والخارجين من والى العاصمة الثانية.

وتحوي المنطقة نحو 400 مؤسسة تجارية ناشطة في عمليات التبادل التجاري، وتلعب مع الأسواق الباقية دوراً حيوياً في مجال التبادل التجاري، حيث كانت تستقطب الاستثمارات السياحية، ويعمل 60 في المئة من من أبناء الفيحاء في أسواقها العامة.

هذا، وشددت المصادر المتابعة لأوضاع طرابلس، على مدى اهتمام الحكومات المتعاقبة على تحسين وضع المدينة، مشيرة الى الخطط الكثيرة التي وضعت من أجلها منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2002. وذكرت بأهمية «إعلان طرابلس» الذي عقد في كانون الأول 2013، والذي جرى فيه التوافق على وجوب وضع خطة شاملة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لكل مناطق الحرمان في هذه المدينة، وتهدف إلى توفير التعليم وفرص العمل واستهداف الفقر.

وختمت المصادر بالقول إن تعزيز قدرات طرابلس وإعادة إحياء اقتصادها وصولاً الى تحقيق نمو مستدام لا يمكن أن يتم إلا باستكمال تنفيذ البنى التحتية، وتأمين التقديمات الاجتماعية الأساسية لأهالي المدينة في إطار سياسة وطنية شاملة لاستئصال الفقر، وأن يكون للقطاع الخاص دور في المشاركة في تنفيذ المشاريع، الى جانب الدور المنوط بالمجتمع المدني لتأمين الخدمات الأساسية لتحسين مستوى عيش الطرابلسيين.